
كنت في البنك أنتظر أن أنهي معاملة لي.
شاءت الأقدار أن يجلس بجواري رجل يظهر عليه الاضطراب، وكان يحمل بين يديه بضع أوراق، ويقلب فيها بتوتر.
سألني: عذرًا، لدي استفسار، هل يمكنك مساعدتي؟.
فأجبته مبتسمًا: آمل أن يكون في مقدوري ذلك.
فقال: زوجتي مريضة، وتحتاج لإجراء جراحة عاجلة، وليس لي من متاع الدنيا شيء، فلقد بعت ما أملك من أجل مرضها، واستدنت من الجميع، وقد قرأت في الإعلان أن البنك يعطي قروضًا كبيرة، وأحببت أن آخذ قرضًا ماليًا، فهل سيسمحون لي بذلك، رغم عدم وجود ضمانات؟.
قلت له: هل لديك ضمانات؟.
قال: للأسف لا.
قلت له: للأسف، لا أعتقد أنك ستحصل على قرضًا ماليًا.
بدت خيبة الأمل على الرجل، وساد الصمت المكان
بعد دقائق، نودي على رقم معاملة الرجل، فقام إلى الموظف، ولم يلبث قليلًا إلا ورأیته خارجًا من باب البنك واجمًا حزينًا.
عند خروجه اصطدم برجل آخر، انتهى من فوره من صرف المبلغ، الذي يريده من أجل شراء سيارة.
كان المشهد بالنسبة لي عجيبًا، بالرغم من كونه طبيعيًا جدًا في الحياة.
تردد في عقلي بغتةً سؤال: أيهما أحق بالمال من الآخر؟!.
من يريد أن ينقذ حياة من يُحب، أم من يريد أن يحصل على جزءٍ آخر من متع الحياة ومباهجها؟!.
إننا حقًا في عالم لا تعترف أبجدياته بالمشاعر والخزاطر، بل بالمنطق والعقل، وحسابات الربح والخسارة.
أين جبر الخواطر، يا ناس!.
بتصرف من روائع كتاب: الإجابة الحب – كريم الشاذلي، ص (14).
جزاكم الله خيرا
اللهم اجعلنا ممن يجبر خواطر الناس