ليلة القدر

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} (الدخان/3)، وهذه الليلة المباركة هي ليلة القدر، التي قيل عن فضلها: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (القدر/3).

تخيل لو كان هناك شركة، ستتضاعف أسهما أكثر من ثمانين ضعف، من منا لا يشتري تلك الأسهم؟!، وتخيل أن يُكرمك الله تعالى فتشهد ليلة القدر، ويقبلها الله منك، فإنك ضاعفت عمرك 84 مرة.

قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “قد جاءَكم رمضانُ، شهرٌ مُبارَكٌ، فيه لَيلةٌ خَيرٌ مِن ألْفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خَيرَها، فقد حُرِمَ” (النسائي/ صحيح).

يقول الإمام القرطبي رحمه الله: إن العابد كان فيما مضى لا يسمى عابدًا حتى يعبد الله ألف شهر، فجعل الله تعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عبادة ليلة، خيرًا من عبادة ألف شهر لمن سبقهم.

وقال أبو بكر الوراق رحمه الله: كان مُلك سليمان خمسمائة شهر، وملك ذي القرنين خمسمائة شهر، فصار ملكهما ألف شهر، فجعل الله تعالى العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرًا من ملكهما.

وقال كعب الأحبار رحمه الله: كان رجلًا ملكًا في بني إسرائيل، فعل خصلة واحدة، فأوحى الله إلى نبي زمانهم: قل لفلان يتمنى، فقال: يا رب، أتمنى أن أجاهد بمالي وولدي ونفسي، فرزقه الله ألف ولد، فكان يجهز الولد بماله في عسكر، ويخرجه مجاهدًا في سبيل الله، فيقوم شهرًا ويقتل ذلك الولد، ثم يجهز آخر في عسكر، فكان كل ولد يقتل في الشهر، والملك مع ذلك قائم الليل، صائم النهار، فقتل الألف ولد في ألف شهر، ثم تقدم فقاتل فقتل، فقال الناس: لا أحد يدرك منزلة هذا الملك، فأنزل الله تعالى للمسلمين: ليلة القدر خير من ألف شهر من شهور ذلك الملك في القيام والصيام والجهاد بالمال والنفس والأولاد في سبيل الله.

ومن فضل هذه الليلة، تسميتها بليلة القدر، لماذا؟، قيل: لعظم قدرها، وأنها تضيق بكثرة الملائكة التي تنزلت إلى الأرض، مشهد مهيب، ألا نشعر به، ولأن المقادير سنة تقدر فيها، ماذا سيحدث لك في العام القادم: هل سيزيد أو ينقسم إيمانك، مالك، صحتك، أولادك، فاحرصوا على شهود تلك الليلة، وكونوا من أهلها.

ومن أراد ثواب ليلة القدر، عليه أن يقدم الثمن، وهما أمران، الأول: ثمن من الجسد، والثاني: ثمن من القلب، ثمن الجسد، هو شهود تلك الليلة، لكن بجد وحزم، فلا نوم ولا كلام ولا لهو، ففي ليلة القدر يحضر كثير من الناس، لكن من يدفع ثمن الجسد قليل، معظم الناس يذهب للنوم، يقضي الليلة في الكلام أو التسلية، والثمن الثاني من القلب، وهو الخشوع، وهذا أقل القليل من الناس من يتقنه، فمثلًا الصلاة: ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها، الدعاء: قال صلى الله عليه وسلم: “واعلمُوا أنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلْبٍ غافِلٍ لَاهٍ” (الترمذي/ حسن).

 

     دمتم بخير

فريق د. مجدي العطار

اترك تعليق

من خلال مشاريعنا المتنوعة، نعمل على تعليم وتدريب الأفراد وتعزيز الروابط الأسرية

معلومات الاتصال

عمان ماركا الشمالية شارع الملك عبدالله الأول مجمع الفردوس

مرحبًا بكم في "فريق د. مجدي العطار"، مؤسسة خيرية تسعى لتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع من خلال دعم ورعاية الفئات الأكثر حاجة. نحن هنا لتوفير الفرص والأمل لكل فرد في مجتمعنا، متبعين نهجًا متميزًا في تحقيق التكافل الاجتماعي والمساهمة في حياة أفضل للجميع.