
قال تعالى: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} (المائدة/84).
التفسير
س): ما المعنى العام للآية الكريمة؟
هذا قول القوم الذين إذا سمعوا ما أنزل إلى رسوله محمد ﷺ من كتابه، آمنوا به وصدّقوا كتاب الله، وقالوا: {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ}، ونحن نطمَعُ بإيماننا بذلك، أن يدخلنا ربُّنا مع القوم الصالحين. (الطبري).
س): {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ}: لمن قالوا هذا القول؟
1: لأنفسهم على سبيل المكالمة معها؛ لدفع الوساوس والهواجس، ففراق طريقة، واتباع أخرى مما يصعب ويشق. (أبو حيان).
2: قول بعض من آمن لبعض على سبيل التثبت. (أبو حيان).
3: قولهم ذلك على سبيل المحاجة لمن عارضهم من الكفار؛ لما رجعوا إليهم، ولاموهم على الإيمان. (أبو حيان). قال ابن عباس رضي الله عنهما: لامهم قومهم على الإيمان، فقالوا هذا. (ابن الجوزي).
س): {وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ}: ما تفيد؟
1: أظهرت سبب إيمانهم، وهو استبصارهم في الدين. (القرطبي).
2: الإنسان حينما يصدق في طلب الحقيقة، يهتدي إليها، وينشرح صدره إليها، ويُعان على قبولها، وعلى الأخذ بها، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت/69)، وبالمقابل الإنسان حينما لا يصدق في طلب الحقيقة، فلا يعان للوصول إليها، ولو مرت بجواره؛ لرفضها، كما قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ} (الأنفال/23). ولنتذكر أن الله تعالى ما دام قد أسمعنا الحق، فهذه علامة طيبة على أن فينا الخير!. (النابلسي).
س): {وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ}: ما الحق المقصود؟
القرآن الكريم المنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. (الرازي).
س): {وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ}: ما فائدة اتباع الحق؟
1: البعد عن خسارة الدنيا، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (طه/124). قال حكيم: الذي يتبع هدى الله تعالى، لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، ولا يندم على ما فات، ولا يخشى مما هو آت. (النابلسي).
2: الفوز بالآخرة، كما قال صلى الله عليه وسلم: “أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ: مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، فَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (السجدة/17)”. (متفق عليه). (النابلسي).
س): {أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} ما معناها؟
نحن نطمعُ أن يدخلَنا ربُّنا مع أهل طاعته جنته يوم القيامة، ويلحق منازلَنا بمنازلهم، ودرجاتنا بدرجاتهم. (الطبري). والنتيجة قالَ تَعالى: {لَيُدْخِلَنَّهم مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ} (الحَجِّ/59). (الرازي). قال حكيم: الناس رجلان: برّ تقي، كريم على الله، وفاجر شقي، هيِّن على الله. (النابلسي).
س): {الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} من هم؟
المؤمنون بالله تعالى، المطيعون له، الذين استحقُّوا من الله الجنة بطاعتهم إياه. (الطبري).
1: قال ابن زيد رحمه الله: هم رسولُ الله ﷺ وأصحابُه. (الطبري).
2: الصحابة الكرام. (ابن الجوزي).
3: قال مقاتل رحمه الله: المهاجرون الأولون. (ابن الجوزي).
المصادر: جامع البيان: الطبري / القرآن العظيم: ابن كثير / الجامع لأحكام القرآن: القرطبي / مفاتيح الغيب: الرازي / الآلوسي: روح المعاني / زاد المسير: ابن الجوزي/ معالم التنزيل: البغوي / البحر المحيط: أبو حيان/ تدبر آيات الله في النفس والكون والحياة: النابلسي.
دمتم بخير
فريق د. مجدي العطار
0 responses on "تساؤلات قرآنية: سورة المائدة: آية 84"