
قال صلى الله عليه وسلم: “لا يَزَالُ العبدُ في فَسْحَةٍ من دِينِه، ما لم يُصِبْ دَمًا حرامًا” (صحيح البخاري)، عظَّمَتِ الشَّريعةُ مِن شَأنِ الدِّماءِ، وهي أوَّلُ ما يُقضَى فيه يوْمَ القيامةِ بيْنَ الخلائقِ، وتَوعَّدَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى قاتِلَ المؤمِنِ بِأشدِّ العذابِ، فقال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء/93)، والحديث الصحيح الذي رواه النسائي، قال صلى الله عليه وسلم: “لَزَوالُ الدُّنيا أهْوَنُ علَى اللَّهِ مِن قتلِ رجلٍ مسلمٍ”، قال العلماء: الإنسان بنيان الله، وملعون من هدم بنيان الله.
هذا القتل العمد، والعياذ بالله، حتى في القتل الخطأ، كحادث السير، هذا أمر عظيم، صحيح أنه خطأ، و”رُفِعَ عن أُمَّتي الخطأَ والنِّسيانَ وما استُكْرِهوا عليهِ”، لكن عليه حساب، فهناك حق المجتمع، وهذا القتل الخطأ أفقد المجتمع عنصر فعال ومعطاء، فوجب على القاتل أولًا: دفع الدِّية لأهله أي المال، أو يسامحوه، ثم عتق رقبة، ولا يوجد في أيامنا، فينتقل إلى صيام شهرين متتابعين، فبالرغم أنه خطأ، لكن يبقى الدم محترمًا، وهناك خسارة للمجتمع، فكيف لو كان القتل عمدًا، في صحيح مسلم، قال صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أشارَ إلى أخيهِ بحديدَةٍ، فإِنَّ الملائِكَةَ تلْعَنُهُ، وإِنْ كانَ أخاهُ لأبيهِ وأُمِّهِ”.
أيها الإخوة، يقول تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد/24)، في قاعة المحكمة، يضعوا آيتين كريمتين، آية وضعت فوق رأس القاضي، يقرأها المذنبون، وآية وضعت فوق رأس المذنبين، يقرأها القاضي، الآية التي وضعت فوق رأس القاضي؛ ليقرأها المذنبون: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (البقرة/179)، والآية التي وضعت فوق رأس المذنبين؛ ليقرأها القاضي: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} (النساء/58).
يقول أحدهم: أنا أشتري وأتعامل مع فلان اللحام منذ 20 سنة، ولا أغيره، فسئل عن السبب؟، فقال: أول مرة ذهبت أتعامل مع هذا اللحام، فجاءه طفل صغير، طلب منه لحم بلدي مفروم، هذا اللحام بإمكانه أن يخلط اللحم بشيء من غير البلدي أو العجل، فأمامه طفل صغير لا يعرف شيئًا، وكنت أراقبه، وفعلًا اللحام أخذ قطعة من اللحم البلدي، ونظفها، ثم في الماكينة حولها إلى لحم مفروم، وأعطاها للطفل، أنا من هذا العمل أكبرته؛ لأنه يراقب الله عز وجل، ومن رزق المحاسبة الذاتية، فهو مؤمن ورب الكعبة!.
الخطبة الثانية:
أيها الأحبة، هناك قتل المسلم للمسلم من نوع خبيث، هناك لصوص بيننا يقتلون المسلمين من أجل المال، ونحن نحترمهم رغم أنهم قتلة، أعطيكم مثال: يقول طبيب مشهور: مرّ بحياتي حوادث غريبة عجيبة، منها: جاء شاب إلى عيادتي مع زوجته، وقد أصيبت بورم خبيث منتشر في صدرها، أخذته جانباً وقلت له: أنت مجرم في حق زوجتك!، قال الشاب: ولم؟، قلت: هذا الورم لو جئتني بوقت مبكر من السهل أن نستأصله أو نعالجه بالأشعة أو بجرعات كيماوية، أما وقد انتشر، فالأمر لا حيلة لنا به، والموت محقق، قال الزوج: والله يا دكتور، أنا لم آتيك متأخراً، أنا مع الطبيب الفلاني، بقينا عنده سنتين، ولم يقل لنا ورم خبيث، كان يقول: التهاب رئوي، ويعطينا أدوية التهاب، لكن لم يقل لنا ورم خبيث، يقول الطبيب: هذا الطبيب أبقاهم عنده سنتين، وهو يوهمهم أنه التهاب من أجل أن يبتز أموالهم، لأنه لو قال لهم: ورم خبيث؛ لتركوه وذهبوا إلى غيره، فهو ليس مختص، وما إن سمع الزوج هذا الكلام حتى انهار من البكاء، وقال كلمة اقشعر منها جلدي، قال: يا رب، إذا كنت موجوداً، فانتقم منه، يا رب، إذا كنت موجوداً، فانتقم منه، وفعلاً بعد ستة أيام ماتت زوجته.
يقول الطبيب: بعد أحد عشر شهراً، دخل إلى عيادتي رجل شديد المرض، قال: أنا زميلك يا دكتور، فلان الفلاني، نفس الطبيب الذي دعا عليه الزوج، وقد أصيب بورم خبيث، يقول الطبيب: العجيب، أن عمر الورم الخبيث أحد عشر شهراً، أي من ساعة ما دعا عليه!، سبحانه، يمهل ولا يهمل، {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} (الغاشية/14)، من عدل الله تعالى أنه يحاسب الظالم، ولو بعد حين.
دمتم سالمين
د. أبو عبيدة العطار
Hackdra has revolutionized the web3 with its Free cyber security trainings, ethical hacking courses and artificial intelligence courses.