قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} (آل عمران/ 97).
الحمد لله، تنطلق اليوم الجمعة أولى قوافل الحجاج الأردنيين إلى الديار المقدسة، فنقول لهم: حج مبرور، وسعي مشكور، وذنب مغفور، وتجارة لن تبور.
ودعونا نسير معهم في هذه الرحلة المباركة، ونتعرف على حكمها وأسرارها.
يبدأ الحج مع الإحرام، وهو المفتاح الأول، فلا يمكن دخول الحج إلا بعد الإحرام.
في الإحرام نلبس جميعنا لباس خاص، دون تفرقة بين غني وفقير، أو حاكم ومحكوم، في مشهد يُجسّد المساواة التامة بين البشر أمام الله تعالى.
والعجيب أن هذا الزي يشبه ما لبسنا أول قدومنا إلى هذه الدنيا ونحن أطفال، وسيشبه ما سنلبسه من أكفان استعدادًا للموت، كل هذا من أجل خلع الدنيا، وتهيئة النفس للقدوم على ربها، فتشعر بهيبة الآخرة، قال الإمام الغزالي رحمه الله: الإحرام نزع كل ما سوى الله تعالى لباسًا ومعنىً.
ومع هذه الحالة الخاصة من الطهارة والتجرد، تقول: لبيك اللهم لبيك…، وهي إعلان العبودية، يقول الإمام أحمد رحمه الله: من كمال العبودية لله تعالى أن يرفع العبد يديه إلى الله تعالى في كل شيء.
نصل إلى مكة المكرمة سالمين، فنبدأ بالطواف حول الكعبة المشرفة، كما تطوف الملائكة حول العرش، فنستشعر هذه العظمة، نحن نطوف حول بيته في الأرض، والملائكة تطوف حول بيته في السماء.
ثم السعي بين الصفا والمروة، وهو درس في الأخذ بالأسباب والتوكل على الله تعالى، فنأخذ بالأسباب كأمنا هاجر عليها السلام في بحثها عن الماء لطفلها، وإذا بالفرج يأتي من حيث لا تحتسب، وهذا ثمرة التوكل، فخرج الماء لا من الصفا ولا المروة، إنما من تحت قدم الطفل إسماعيل عليه السلام.
ثم الوقوف في عرفة، وهو أساس الحج، وتذكير بيوم الحشر، لكن يوم الحشر يوم عسير، فيه حساب وجزاء، أما يوم عرفة، يوم يباهي الله تعالى بالناس ملائكته، بل ويسمى بيوم المغفرة، من كثرة ما يغفر الله تعالى لعباده، وإذا كان غير الحاج لمجرد أنه صام يوم عرفة، كفر الله تعالى له ذنوب سنتين، فكيف بمغفرة الحاج الذي وقف في عرفة؟!.
دمتم بخير
فريق د. مجدي العطار