مشكلة الجهل بأسباب نزول القرآن الكريم

إن جهل الناس بأسباب النزول، كثيرًا ما يوقعهم في اللبس والإيهام، فيفهمون الآيات على غير وجهها، ولا يصيبون الحكمة الإلهية من تنزيلها.

كما حدث لمروان بن الحكم حين توهم أن قوله تعالى: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (آل عمران/188).

ينطبق عليه ، فقال لبوابه: اذهب يا رافع إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقل له: لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي، وأحب أن يحـمـد بما لم يفعـل معـذبًا؛ لنعـذبن أجـمـعـيـن.

فـقـال ابن عباس: وما لكم ولهذه، إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، فسألهم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، فأروه قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم.

أي لو قرأنا الآية التي قبلها؛ لفهمناها، والآية التي قبلها، هي: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (آل عمران/187).

مثال آخر: لولا بيان أسباب النزول؛ لأباح الناس لأنفسهم التوجه في الصلاة إلى الناحية التي يرغبون فيها، عملًا بالمتبادر من قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (البقرة/115).

لكن إذا قرأنا سبب نزولهـا، وجدنا أنها نزلت في أناس من المؤمنين كانوا في سفر، فحضرت الصلاة في يوم غيم، فتحيروا، فمنهم من صلى قبل المشرق، ومنهم من صلى قبل المغرب، وذلك قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة، فلما طلعت الشمس، عرفوا أنهم قد صلوا لغير القبلة، فقدموا المدينة، فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية الكريمة.

مثال 3: قوله تعالى: ولولا معرفة سبب النزول؛ لما فهمنا فرضية السعي بين الصفا والمروة من قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (البقرة/158).

فالآية نفت الجناح، ونفي الجناح لا يتفق مع الفريضة .

وهذا ما حدث مه عروة بن الزبير رضي الله عنه، عندما سأل خالته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فأفهمته أن نفي الجناح هنا ليس نفيًا للفريضة، إنما هو نفي لما وقر في أذهان المسلمين يومئذ من أن السعى بين الصفا والمروة من عمل الجاهلية؛ نظرا إلى أن الصفا كان عليه صنم، يقال له: (إساف)، وكان على المروة صنم، يقال له: (نائلة)، وكان المشركون إذا سعـوا بينهما تمسحوا بهما، فلما ظهر الإسلام، وكسر الأصنام، تحـرج المسلمـون أن يطوفوا بينهـمـا، لذلك نزلت الآية الكريمة.

وهناك الكثير من الحكم والفوائد التي تعود علينا من معرفة أسباب النزول.

منها: معرفة من نزلت فيه الآية على التعيين حتى لا يشتبه بغيره، فيتهم البرىء ،ويبرأ المريب.

ومنها: تيسير الحفظ وتسهيل الفهم وتثبيت الوحي في ذهن كل قرأ الآية إذا عرف سببها، وتصبح الآية متحركة تنبض بالحياة والأسوة الحسنة.

بتصرف من روائع كتاب

علوم القرآن – د.عبد الله شحاته

دمتم سالمين 💐

خيركم – علوم القرآن الكريم

فريق د.مجدي العطار🧂

معرفة قيم مهارات مجانية

*فإني قريب* أكرمونا بدعوة صادقة

0 responses on "مشكلة الجهل بأسباب نزول القرآن الكريم"

Leave a Message

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

من نحن

نحن فريق مشرف على موقع تعليمي الكتروني
ونقدم كافة الخدمات والدورات التربوية والتنمية البشرية

عدد الزوار

0437723
Visit Today : 144
Visit Yesterday : 1809
Total Visit : 437723
Total Hits : 5906460

المشتريات

top
جميع الحقوق محفوظة  © فريق د. مجدي العطار 2017- 2020