أعظم رزق للمؤمن هو الإيمان وليس المال؛ لأن قيمة المؤمن في الآخرة هي إيمانه، وقيمته في الدنيا هي ماله، والمؤمن يعمل للباقية وليس للزائلة.
فلو كنت تخطط لسفر سياحة مع العائلة لمدة أسبوع، ولا توجد رحله مباشرة، بل لا بد أن تتوقف الطائرة في مطار آخر مؤقت، ساعتين مثلًا، ما يسمى ترانزيت، كيف ستخطط لرحلتك؟، هل ستقتصر في تفكيرك على الأمور التي ستفعلها فقط في هاتين ساعتين في ترانزيت؟، أين سنأكل في هذا المطار؟، ماذا سنشتري من سوق المطار؟، أين سنجلس؟، طبعًا لا، بل تركيزك على الإجازة وهي مدة أسبوع.
إذًا المؤمن عينه على الإيمان؛ لأن مصيره إلى الجنان، لكن لا ينسى نصيبه من مال الدنيا، حتى يخرج منها بحسن الخاتمة، فالنبي ﷺ، قال: “نِعمَ المالُ الصَّالحُ للرَّجلِ الصَّالحِ” (البيهقي/ صحيح)، وبالمال يحقق المؤمن عبادة عظيمة اسمها الزكاة، وكذلك عبادة عظيمة أخرى وهي الحج، والمال يحفظ كرامة المؤمن من نوائب الدنيا ومذلة الدَّيْن، وقال الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: يا حبذا المال، أصِلُ منه رَحِمي، وأتقرَّب إلى ربي عز وجل.
ودعونا نقف على أدعية نبوية شريفة، تساعدنا على تحصيل المال الحلال؛ لتغنينا عن المال الحرام، منها:
الأول: اللهم أكثر مالي وولدي، وبارك لي فيما أعطيتني، فقد جاءت والدة الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنها، فقالت: يا رسول الله، أنس خادمك، فدعا له النبي ﷺ، وقال: “اللَّهُمَّ أكْثِرْ مَالَهُ، ووَلَدَهُ، وبَارِكْ له فِيما أعْطَيْتَهُ” (صحيح البخاري)، وسبحان الله، لما كبر أنس كثُر ماله وولد، ومثال على ذلك كان له بستان في البصرة، يثمر في السنة مرتين، والبساتين من حوله تثمر مرة واحدة فقط!.
الدعاء الثاني: اللهم إني أسألك من فضلك ورحمتك، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أضاف النبي ﷺ ضيفًا (أي استضافه في بيته ﷺ)، فأرسل إلى أزواجه يبتغي منهن طعامًا، (أي يطلب منهن طعاما؛ ليكرم به ضيفه)، “فلم يجد، فقال ﷺ: “اللهم إني أسألك من فضلك (أي: سعة جودك التي وسعت كل شيء)، “فإنه لا يملكها إلا أنت” (أي لا يملك الفضل والرحمة غيرك؛ فلا يطلبان إلا منك)، “فأهديت إليه شاة مصلية”، (أي مشوية، وفي هذا دلالة سرعة استجابة الله عز وجل لنبيه ﷺ، فقال النبي ﷺ: “هذه من فضل الله”، أي: للرزق الذي أرسله الله عز وجل، “ونحن ننتظر الرحمة”، تقرير أن العبد تحت رحمة ربه كل وقت، وفي كل حال.
الدعاء الثالث، وهو أعظمها: عند الثلث الأخير من الليل، قال ﷺ: “إذا كان ثُلُثُ الليلِ يَنزِلُ اللهُ إلى سماءِ الدنيا، فيقولُ: هل من سائلٍ، فأُعطيَه، هل من داعي، فأستجيبَ له، هل من تائبٍ، فأتوبَ عليه، هل من مستغفِرٍ، فأغفرَ له، حتى يَطْلُعَ الفجرَ” (أحمد/ صحيح).
الدعاء الرابع: عندما تنتهي من الوضوء، تقول: “اللَّهمَّ اغفِرْ لي ذَنْبي، ووسِّعْ لي في داري، وبارِكْ لي في رِزقي” (النسائي/ صحيح).
الدعاء الخامس: عندما تنتهي من صلاة الفجر: “اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ عِلمًا نافعًا، ورِزْقًا طيِّبًا، وعمَلًا مُتقَبَّلًا” (أحمد/ حسن).
الدعاء السادس موجود في صلاتنا: دعاء الجلوس بين السجدتين: “اللَّهمَّ اغفِر لي وارحَمني واجبُرني واهدِني وارزُقني” (الترمذي/ صحيح).